بينما كنت نائما كالطفل الملاك, والأحلام الجميلة تتدفق متتالية لتغمرني بالسعادة والفرح ولتنسيني مرارة الحياة وآلامها وشقائها, فإذ بها تنقطع فجأة دون سابق إنذار وتعود هذه المرارة إلى عقلي وذهني لتسيطر عليه مجددا…
و يسود الصمت الرهيب القاتل في رأسي وتنقطع الأفكار وأستيقظ من حلم جميل ويغمرني الضياع وأحس برعشة غريبة وأشعر كأن عقلي توقف عن العمل…
يا إلهي ماذا يحدث؟؟!! هل إنتهت الأحلام الجميلة ولم يعد هنالك المزيد؟؟!! هل نجحت مرارة الحياة وقسوتها وعذابها في التسلل إلى رأسي أثناء النوم وتمكنت من السيطرة عليّ لتزيد من البؤس الذي أنا فيه؟؟!! ولتزيد معاناتي ولتوقظني من النوم؟؟!! ولكن فجأة عرفت السبب وتوضحت الأمور في رأسي, فلقد كان السبب هو الشعور الغامض الذي أحاطني وغمر جسمي وغزا قلبي في تلك اللحظة وأنا نائم…
وكان يعود سببه إلى مرور طيف فتاة أعرفها أمام أعيني حيث كلما أراها أشعر بهذا الشعور ولقد زارني هذا الطيف في الحلم وسبب ما تسبب به… يا إلهي ماذا يحدث؟؟!! ما هذا الشعور الغريب؟؟!!
وأثناء تساءلي كنت أنظر إليها وكنت أرى ملاكا واقفا أمامي, لا بل أجمل من ملاك, فلقد رأيت مخلوق تعجز الألسنة عن وصفه والتحدث إليه وتجعل أعيننا مسحورة به… فصرخت في أعماقي لقد عرفت هذا الشعور, إنه الحب…
هذا هو الذي يتحدث عنه الناس ويجعلنا نرى الذي نحبه كأجمل مخلوق على وجه الأرض, فنحن لم نحبه لأنه جميل بل نجده جميلا لأننا أحببناه…
وهاهو الشعور الغامض يغزو أحلامي أيضا ويدفعني إلى البوح بكلمات لا أريد النطق بها لهذا الملاك حيث كأنه يقول لي :إنك لا تملك الشجاعة لتبوح بشعورك لها في الواقع فلتفعل هنا, هنا يمكنك البوح بما تريد دون أن تشعر بالخوف أو أن تقلق من شيء, لأننا نحن الذي نصنع الحلم الذي نريده ونحن نحلم بما نريد وكيفما نريد…
وفجأة تعلو صرخة كبيرة بداخلي لترد عليه وتقول له ويحك فالشجاعة موجودة ولكن الحكمة أقوى وهي تقضي بأن يبقى هذا الشعور مخفيا…
فليس لأنني لا أملك قلبا أو ليس لأنه لا يحق لي أن أحب بل لأن الذي أحبه هو السبب, ويتوجب عليّ أن أحبه بيني وبين نفسي فقط فأصمت برغم ألم الصمت فلا أجاهر بحبه حتى له لأن العوائق كثيرة والعواقب مخيفه ومن الأفضل لي وله أن تبقى الأبواب بيني وبينه مغلقه…
بقلم محمد غنيم